بدأت هيلارى كلينتون كوزيرة خارجية فى ادارة باراك اوباما الجديدة جولتها فى منطقتى الشرق الاوسط واوربا اول مارس الجارى اذ انه من المقرر زيارة مصر واسرائيل وفلسطين .وان جولتها الرئيسية تهدف بالاضافة الى مشاركتها فى المؤتمر الدولى حول اعادة اعمار قطاع غزة الى دفع عجلة المفاوضات الفلسطينية / الاسرائيلية . هدف جولة هيلارى هذه هو ترجمة تعهد ادارة اوباما بالسياسة الجديدة ازاء الشرق الاوسط الى امر واقع .ولقد قال اوباما عند منافسات الانتخابات الرئاسية الامريكية انه سوف يسعى فى اعقاب دخوله الى البيت الابيض بسبب الفوز بهذه الانتخابات الرئاسية يسعى فى اول وهلة من الوقت الى العمل لدفع المفاوضات الفلسطينية/ الاسرائيلية وقوبل ذلك بالترحاب من قبل الرأى العام الاقليمى فى منطقة الشرق الاوسط غير ان الاخير كان يتخوف من ان هذا ليس الا ما تفوه اوباما به فقط . وان الازمة المالية التى تتورط اميركا فيها بعمق اجبرت فريق اوباما الجديد للعمل على توجيه مزيد من طاقته لمعالجة الشئون الاقتصادية داخل البلاد وعلى تقليص تدريجى لاستراتيجته الخارجية وعليه فمن الصعب ان تدرج الشئون الشرق اوسطية فى مقدمة اولويات عمل اوباما .ويبدو ان اوباما لم يكن ينسى العمل على ترجمة تعهده بالسياسة الامريكية الجديدة ازاء المنطقة الى امر واقع واظهر نيته لدفع عجلة حل الملف الشرق اوسطى على الاقل فى الوقت الذى طرحه فيه حزمة خطط محفزة للاقتصاد المحلى . وبعث اوباما الان بوزيرة الخارجية هيلارى الى زيارة كل من فلسطين واسرائيل بعد ما اعلن فى نهاية فبراير الماضى عن استراتيجيته الجديدة القاضية بانجاز سحب القوات الامريكية من العراق قبل نهاية اغسطس العام القادم . وبجملة القول ان حماية مصلحة اميركا الحيوية فى منطقة الشرق الاوسط وتوطيد حق اميركا فى المكانة القيادية والتكلم فى سياق الشئون الاقليمية فى المنطقة , هذه بمثابة تفكير ادارة اوباما الاستراتيجى فى تشديد دبلوماسيتها ازاء الشرق الاوسط وتعد نواة ونقطة انطلاق لسياستها الجديدة فى المنطقة ايضا على ما يبدو . ويمكن تلخص هذه السياسة فى عدة خصائص كالاتى :اولها هى مواصلة اللعب بورقة " التحول "ونبذ القديم وطرح الجديد بكل ما يأتى من قوة فى سياق ملف الشرق الاوسط لترميم صورة اميركا التى خربها سلف اوباما فى المنطقة . وربما يحتمل ان يتخذ اوباما سياسة معتدلة لاعادة بناء صورة اميركا والارتقاء بقوتها المؤثرة فى المنطقة . وهذا يتفق تماما مع شعار " التحول " الذى يدعو اوباما اليه .وثانيها هى اخذ منطقة الشرق الاوسط ككيان كلى بحيث تسعى ادارة اوباما الى دفع عجلة المفاوضات الفلسطينية/ الاسرائيلية لتحقق تقدما بينما تؤكد على اهمية الاحتكاك بكافة الدول فى المنطقة فى الوقت الذى يجرى فيه انسحاب القوات الامريكية من العراق . ولاجل الوصول الى هذا الهدف ربما يعظم اوباما فى المستقبل وتيرة الامكانيات الدبلوماسية والسياسية فى المنطقة . وقد اكد اوباما على ان اميركا فى حاجة الى السعى وراء ايجاد " سبل اذكى واكثر ديمومة وشاملة "لضمان اكيد لامن وسلامة العراق والمنطقة كلها ويجب ان تحتاج اميركا الى الاحتكاك الشامل مع ايران وسورية وغيرهما . ويمكن الملاحظة بان دفع عجلة حل الملف الشرق اوسطى من خلال الاوجه المختلفة يصبح توجها جديدا تسعى ادارة اوباما الجديدة اليه .وثالثها هى تليين لون الاحادية والاستعانة المناسبة بالقوى المتعددة الجوانب لحشر الانف فى الشئون الاقليمية فى منطقة الشرق الاوسط . ولامتصاص الدروس والعظ الماضية فى الشئون الاقليمية فى المنطقة وعلى ضوء الشرط المسبق للضمان الاكيد لسلطة اميركا القيادية فى الشئون المعنية بفلسطين واسرائيل فمن البدهى ان يظهر اوباما التسامح مع سائر الاطراف التى تود الانضمام الى هذا الجهد سعيا وراء حل المعضلة الشرق اوسطية بالجهود المشتركة . وان تكرار زيارة كبار الموظفين لكل من روسيا والاتحاد الاوربى الى الشرق الاوسط خلال الاونة الاخيرة وحصوله على ترحاب اميركا اوضح هذه النقطة. ان الرأى العام الاقليمى فى منطقة الشرق الاوسط يعقد املا معينا على جولة هيلارى الحالية فى المنطقة لكن بعض الخبراء قال فى حذر ويقظة ان سياسة اوباما الجديدة ازاء الشرق الاوسط بدأت خطوتها انفا وهذا فى حاجة الى الرصد والترقب . ولا يمكن لوزيرة الخارجية الامريكية ان تتم حل الملف الفلسطينى/ الاسرائيلى اعتمادا على زيارة او زيارتين ذلك لان جذورالملف مضروبة بعمق وتوطد وكذلك دفع المفاوضات السلمية بين فلسطين واسرائيل فى حاجة الى الحكمة السياسية التامة النضوج والى الصبر الثابت والدائم وصدر التسامح اضافة الى حاجة الى دراسة الوضع وتقدير التطورات الممكنة والى البحث المضبوط عن نقطة تركز القوة ومنطلق القوة .
مذكرة توقيف البشير: رسالة مضمونة الوصول
Il y a 15 ans